الدين الإسلامي دين الرحمة والتراحم، والعفو والتسامح، والحفاظ على حقوق الآخرين، والمعاملة الحسنة ونبذ العنصرية، وفي حديثٍ للرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّما بُعِثت لأُتمِّم مكارم الأخلاق".
كان رسولنا متسامحاً وأبرز قدوة للتسامح مع غير المسلمين.
تحقيق العدل والمساواة من خلال احترام العقائد والأفكار والمعتقدات، وبالتالي تحقيق الوحدة والتضامن بين أفراد المجتمع الواحد.
قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ).
مما سبق نجد أن التسامح في الإسلام ليس مجرد مبدأ أخلاقي، بل هو جزء لا يتجزأ من الإيمان، ووسيلة لتحقيق رضا الله، والسلام المجتمعي، والنقاء الروحي.
قال -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ).[٨]
روي عن عائشة رضي الله عنها أنّها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "هلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ قالَ: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ ما لَقِيتُ، وكانَ أشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي علَى ابْنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أرَدْتُ، فانْطَلَقْتُ وأنا مَهْمُومٌ علَى وجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلَّا وأنا بقَرْنِ الثَّعالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ لا نور الإمارات يُشْرِكُ به شيئًا".[٧]
تقوية قيم التعاون والتضامن: يعزز التسامح قيم التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع، حيث يشجع على دعم الآخرين ومساعدتهم في الوقت الضروري.
روي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه: "جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، فقال: يا رسولَ اللهِ!
قال -تعالى-: (وَلَقَدْ عَفَا اللَّـهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ).[١٤]
العفو سبيل لمحبة الشخص بين العباد وعند ربه، فالهيّن اللين له مقام رفيع عند الله تعالى، وكذلك عند الناس لمّا يكف عن تتبع أخطائهم.
فأما سقراط فقد عرف مفهوم التسامح بطريقة منبثقة من إيمانه بالعقل وقوته، فقال إنَّه وسيلة تساعد الأفراد على نيل مرادهم في معرفة الحقيقة، فالبشر برأيه كائنات خطَّاءة ومحدودة القدرات، ولكنَّهم في الوقت ذاته ساعون دوماً إلى معرفة الحقيقة.
جاء رجلٌ إلى النبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فقال: (يا رسولَ اللهِ، كم نعفو عن الإمارات الخادمِ؟ فصمَتَ، ثم أعادَ عليه الكلامَ، فصَمَتَ، فلما كان في الثالثةِ قال: اعفُوا عنه في كل يومٍ سبعين مرةً).[١٦]
التعفف في الإسلام ونماذج في العفة من سيرة الرسول ﷺ والصحابة كما أن النبي ﷺ كان قدوة في التسامح مع أعدائه، ومن أشهر الأمثلة على ذلك موقفه بعد فتح مكة عندما قال لأهلها: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.